الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع
.فَصْلٌ: وِلَايَةُ الْحُكْمِ الْعَامَّةُ: (وَالنَّظَرُ فِي الْوُقُوفِ) الَّتِي (فِي عَمَلِهِ) أَيْ وِلَايَتِهِ (لِتَجْرِي بِإِجْرَائِهَا عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ) لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَدْعُو إلَى إجْرَائِهَا عَلَى شَرْطِهِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ نَاظِرٌ خَاصٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ (وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا) لِأَنَّ الْمَيِّتَ مُحْتَاجٌ إلَى ذَلِكَ كَغَيْرِهِ (وَتَزْوِيجُ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا وَلِيَّ لَهُنَّ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَإِنْ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» وَالْقَاضِي نَائِبُهُ (وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقِيمُهَا وَالْخُلَفَاءُ مِنْ بَعْدِهِ (وَإِقَامَةُ الْجُمُعَةِ بِالْأَذَانِ فِي إقَامَتِهَا، وَنَصْبُ إمَامِهَا وَكَذَا الْعِيدُ) لِأَنَّ الْخُلَفَاءَ كَانُوا يُقِيمُونَهَا (مَا لَمْ يُخَصَّا بِإِمَامٍ) مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ أَوْ الْوَاقِفِ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَمْدَانَ (وَالنَّظَرُ فِي مَالِ الْغَائِبِ) لِئَلَّا يَضِيعَ. (وَجِبَايَةُ الْخَرَاجِ وَأَخْذُ الصَّدَقَةِ) أَيْ الزَّكَاةِ (إنْ لَمْ يُخَصَّا بِعَامِلٍ) مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَالنَّظَرُ فِي مَصَالِحِ عَمَلِهِ بِكَفِّ الْأَذَى عَنْ طُرُقَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَأَفْنِيَتِهِمْ) لِأَنَّهُ مُرْصَدٌ لِلْمَصَالِحِ (وَتَصَفُّحُ حَالِ شُهُودِهِ وَأُمَنَائِهِ لِيَسْتَبْقِيَ وَيَسْتَبْدِل مَنْ يَصْلُحُ) أَيْ يَسْتَبْقِي مَنْ يَصْلُحُ وَيَسْتَبْدِلُ مَنْ ثَبَتَ جَرْحُهُ كَمَا فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا، لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الْقَضَاءِ ذَلِكَ، فَعِنْدَ إطْلَاقِ الْوِلَايَةِ تَنْصَرِفُ إلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ. (قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَيَسْتَفِيدُ الِاحْتِسَابَ عَلَى الْبَاعَةِ وَالْمُشْتَرِينَ وَإِلْزَامِهِمْ بِالشَّرْعِ). وَفِي الْمُنْتَهَى: لَا يَسْتَفِيد ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَثْبُتْ بِتَوَلِّي الْقُضَاةِ لِذَلِكَ. (قَالَ الشَّيْخُ: مَا يَسْتَفِيدُهُ بِالْوِلَايَةِ لَا حَدَّ لَهُ شَرْعًا بَلْ يُتَلَقَّى مِنْ الْأَلْفَاظِ وَالْأَحْوَالِ وَالْعُرْفِ) لِأَنَّ كُلَّ مَا لَمْ يُحَدَّ شَرْعًا يُحَلُّ عَلَى الْعُرْفِ كَالْحِرْزِ وَالْقَبْضِ (وَلَا يَحْكُمُ) الْقَاضِي فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (وَلَا يَسْمَعُ بَيِّنَةً غَيْرَ عَمَلِهِ وَهُوَ) فِي الْأَصْلِ مَا يَجْمَعُ بُلْدَانًا أَوْ قُرًى مُتَفَرِّقَةً، كَالْعِرَاقِ وَنَوَاحِيهِ، وَالْمُرَادُ هُنَا (مَحَلُّ حُكْمِهِ) الَّذِي وَلِيَ لِيَحْكُمَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ يَجْمَعُ بُلْدَانًا أَوْ قُرًى مُتَفَرِّقَةً أَوْ بَلَدًا مُعَيَّنًا أَوْ مَحَلًّا مُعَيَّنًا مِنْ الْبَلَدِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْحَاشِيَةِ. (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ حَكَمَ أَوْ وَلِيَ أَوْ سَمِعَ بَيِّنَةً فِي غَيْرِ عَمَلِهِ (لُغِيَ) ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ وِلَايَةً (وَتَجِبُ إعَادَةُ الشَّهَادَةِ كَتَعْدِيلِهَا) فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ نُفُوذِ حُكْمِهِ. (وَلَهُ) أَيْ الْقَاضِي (طَلَبُ الرِّزْقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِنَفْسِهِ وَأُمَنَائِهِ وَخُلَفَائِهِ) لِأَنَّ عُمَرَ رَزَقَ شُرَيْحًا فِي كُلِّ شَهْرٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَرَزَقَ ابْنَ مَسْعُودٍ نِصْفَ شَاةٍ كُلَّ يَوْمٍ وَإِذَا جَازَ لَهُ الطَّلَبُ لِنَفْسِهِ جَازَ لِمَنْ هُوَ فِي مَعْنَاهُ (مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا) لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ فَرَضُوا لَهُ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمَيْنِ، وَفَرَضَ عُمَرُ لِزَيْدٍ وَغَيْرِهِ وَأَمَرَ بِفَرْضِ الرِّزْقِ لِمَنْ تَوَلَّى الْقَضَاءَ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزْ فَرْضُ الرِّزْقِ لَتَعَطَّلَتْ وَضَاعَتْ الْحُقُوقُ (فَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ لَهُ) أَيْ الْقَاضِي (شَيْءٌ وَلَيْسَ لَهُ مَا يَكْفِيهِ وَقَالَ لِلْخَصْمَيْنِ: لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا إلَّا بِجُعْلٍ جَازَ) فِي الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. (وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْقَضَاءِ) لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ وَلَا يَعْمَلُهُ إنْسَانٌ عَنْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ. (وَلِلْمُفْتِي أَخْذُ الرِّزْقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّ الْإِفْتَاءَ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ كَالْأَذَانِ (وَلَوْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتِيَ وَلَا كِفَايَةَ لَمْ يَأْخُذْ) مِنْ الْمُسْتَفْتِي لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ عَنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ (وَمَنْ أَخْذَ رِزْقًا) مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (لَمْ يَأْخُذْ) مِنْ الْمُسْتَفْتِي أُجْرَةً لِفُتْيَاهُ وَلَا لِحَظِّهِ لِاسْتِغْنَائِهِ بِالرِّزْقِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذ رِزْقًا (أَخَذَ أُجْرَةَ حَظِّهِ) فَقَطْ. (وَ) يَجِبُ (عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَفْرِضَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِمَنْ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِتَدْرِيسِ، الْعِلْمِ وَالْفَتْوَى فِي الْأَحْكَامِ مَا يُغْنِيهِ عَنْ التَّكَسُّبِ) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى الْقِيَامِ بِذَلِكَ وَالِانْقِطَاعِ لَهُ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْإِمَامَةِ وَالْقَضَاءِ. .فَصْلٌ: حكم توليةِ الإمامِ رجلًا سَائِرَ الْأَحْكَامِ فِي كُلِّ الْبُلْدَانِ: (وَلَوْ دَخَلَتْ بَعْدَ) ذَلِكَ (إلَى عَمَلِهِ) لِأَنَّ إذْنهَا لَهُ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ لَا عِبْرَةَ بِهِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ عَمَلِهِ فَلَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُهُ لَهَا كَمَا لَوْ لَمْ تَدْخُلْ إلَى عَمَلِهِ (فَإِنْ قَالَتْ) لِلْقَاضِي فِي غَيْرِ عَمَلِهِ (إذَا حَصُلْتُ فِي عَمَلِكَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَكَ) أَنْ تُزَوِّجَنِي (فَزَوَّجَهَا) بَعْدَ حُصُولِهَا (فِي عَمَلِهِ صَحَّ) تَزْوِيجُهُ لَهَا (بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَعْلِيقِ الْوِكَالَةِ بِالشَّرْطِ) وَالْإِذْنُ فِي مَعْنَى الْوِكَالَةِ وَلَيْسَ وَكَالَةً كَمَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ عَزْلَهُ (أَوْ يَجْعَلُ) الْأَمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (إلَيْهِ) أَيْ الْقَاضِي (الْحُكْمَ فِي الْمُدَايِنَاتِ خَاصَّةً أَوْ) الْحُكْمَ (فِي قَدْرٍ مِنْ الْمَالِ لَا يُتَجَاوَزُ، أَوْ يُفَوِّضُ إلَيْهِ عُقُودَ الْأَنْكِحَةِ دُونَ غَيْرِهَا) فِي بَلَدٍ خَاصٍّ أَوْ جَمِيعِ الْبُلْدَانِ لِأَنَّ الْخِبْرَةَ مِنْ التَّوْلِيَةِ إلَى الْأَمَامِ فَكَذَا فِي صِفَتِهَا وَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِي الْكُلِّ فَكَذَا فِي الْبَعْضِ. وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَنِيبُ أَصْحَابَهُ كُلًّا فِي شَيْءٍ، فَوَلَّى عُمَرَ الْقَضَاءَ، وَبَعَثَ عَلِيًّا قَاضِيًا بِالْيَمَنِ وَكَانَ يُرْسِلُ بَعْضَهُمْ لَقَبْضِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا وَكَذَا الْخُلَفَاءُ مِنْ بَعْدِهِ. (وَيَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَ) الْإِمَامُ قَاضِيًا (مِنْ غَيْرِ مَذْهَبِهِ) لِأَنَّ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَجْتَهِدَ رَأْيَهُ فِي قَضَائِهِ (وَإِنْ نَهَاهُ عَنْ الْحُكْمِ فِي مَسْأَلَةٍ فَلَهُ الْحُكْمُ بِهَا) هَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ قُلْتُ: الصَّوَابُ الْجَوَازُ انْتَهَى قُلْتُ: فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا إذَا وَلَّاهُ ابْتِدَاءً شَيْئًا خَاصًّا وَبَيْنَ مَا إذَا وَلَّاهُ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ شَيْءٍ. (وَيَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَ) مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ (قَاضِيَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ يَجْعَلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَمَلًا، سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَلِّي الْإِمَامَ أَوْ الْقَاضِيَ) وَلَّى (خُلَفَاءَهُ مِثْلَ أَنْ يَجْعَلَ إلَى أَحَدِهِمَا الْحُكْمَ بَيْنَ النَّاسِ وَ) يَجْعَلَ (إلَى الْآخَرِ عُقُودَ الْأَنْكِحَةِ) لِأَنَّ الْإِمَامَ كَامِلُ الْوِلَايَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَمْلِكَ ذَلِكَ إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ كَتَوْلِيَةِ الْقَاضِي الْوَاحِدِ (فَإِنْ جَعَلَ إلَيْهِمَا) أَيْ الْقَاضِيَيْنِ (عَمَلًا وَاحِدًا جَازَ) لَهُ ذَلِكَ (فَيَحْكُمُ كُلُّ وَاحِدٍ بِاجْتِهَادِهِ) لِأَنَّهَا نِيَابَةٌ فَجَازَ جَعْلُهَا لِاثْنَيْنِ كَالْوِكَالَةِ، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ خَلِيفَتَيْنِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَالْإِمَامُ أَوْلَى (وَلَيْسَ) لِلْقَاضِي (الْآخَرِ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى رَفِيقِهِ (وَلَا نَقْضَ حُكْمِهِ) كَمَا لَوْ قَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَمَلٍ خَاصٍّ (فَإِنْ تَنَازَعَ خَصْمَانِ فِي الْحُكْمِ عِنْدَ أَحَدِهِمْ قَدَّمَ قَوْلَ الطَّالِبِ) وَهُوَ الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَلَوْ) كَانَ الطَّالِبُ يُرِيد الدَّعْوَى (عِنْدَ نَائِبٍ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فِي تَعْيِينِ الْقَاضِي (فَلَوْ تَسَاوَيَا) أَيْ الْخَصْمَانِ (فِي الدَّعْوَى كَالْمُدَّعِيَيْنِ اخْتَلَفَا فِي ثَمَنِ مَبِيعٍ بَاقٍ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْحَاكِمَيْنِ إلَيْهِمَا) لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى التَّكَلُّفِ لِلْأَبْعَدِ مِنْهُمَا (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ الْحَاكِمَانِ فِي الْقُرْبِ (أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ إذَا طَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَاضِيًا لِعَدَمِ التَّرْجِيحِ بِدُونِ الْقُرْعَةِ. (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَ الْقَضَاءَ لِوَاحِدٍ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} وَالْحَقُّ لَا يَتَعَيَّنُ فِي مَذْهَبٍ وَقَدْ يَظْهَرُ الْحَقّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ وَلَّاهُ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ (بَطَلَ الشَّرْطُ) وَصَحَّتْ الْوِلَايَةُ كَالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبِيَعِ (وَعَمَلَ النَّاسُ عَلَى خِلَافِهِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا). (قَالَ الشَّيْخُ: مَنْ أَوْجَبَ تَقْلِيدَ إمَامٍ بِعَيْنِهِ اُسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَإِنْ قَالَ يَنْبَغِي) أَيْ تَقْلِيدُ إمَامٍ بِعَيْنِهِ (كَانَ جَاهِلًا ضَالًّا قَالَ: وَمَنْ كَانَ مُتَّبِعًا لِلْإِمَامِ فَخَالَفَهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ، أَوْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَعْلَمَ أَوْ أَتْقَى فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَمْ يُقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِ) بِلَا نِزَاعٍ. (قَالَ: وَفِي هَذِهِ الْحَالِ) أَيْ حَالِ قُوَّةِ الدَّلِيلِ أَوْ كَوْنِ أَحَدِهِمَا أَعْلَمَ أَوْ أَتْقَى (يَجُوزُ) تَقْلِيدُ مَنْ اتَّصَفَ بِذَلِكَ (عِنْدَ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَجِبُ وَإِنَّ) الْإِمَامَ (أَحْمَدَ نَصَّ عَلَيْهِ) انْتَهَى. (وَيَجُوزُ أَنْ يُفَوِّضَ الْإِمَامُ إلَى إنْسَانٍ تَوْلِيَةَ الْقَضَاءِ) أَيْ أَنْ يُوَلِّيَ، الْقُضَاةَ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِمَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ تَوْلِيَةَ الْقَضَاءِ (أَنْ يُوَلِّيَ نَفْسَهُ وَلَا وَالِدَهُ وَلَا وَلَدَهُ، كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الصَّدَقَةِ بِمَالٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهُ وَلَا دَفْعُهُ إلَى هَذَيْنِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوِكَالَةِ (فَإِنْ مَاتَ الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ أَوْ عُزِلَ الْمُوَلَّى بِفَتْحِهَا) أَيْ: اللَّامِ (مَعَ صَلَاحِيَتِهِ لَمْ تَبْطُلْ وِلَايَتُهُ كَمَا لَوْ عُزِلَ الْإِمَام لِأَنَّهُ) أَيْ الْقَاضِيَ (نَائِبُ الْمُسْلِمِينَ لَا نَائِبُهُ) فَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَلَا عَزْلِهِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا لَوْ عَقَدَ الْوَلِيُّ النِّكَاحَ عَلَى مُوَلِّيَتِهِ ثُمَّ مَاتَ أَوْ فَسَخَهُ (وَكَذَا كُلُّ عَقْدٍ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ كَوَالٍ وَمَنْ يُنَصِّبُهُ) الْإِمَامُ (لِجِبَايَةِ مَالٍ) كَخَرَاجٍ وَزَكَاةٍ (وَصَرْفِهِ وَأَمِيرِ جِهَادٍ وَوَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ وَمُحْتَسِبٍ قَالَهُ الشَّيْخُ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى (وَقَالَ:) الشَّيْخُ (الْكُلُّ لَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِ الْمُسْتَنِيبِ وَمَوْتِهِ حَتَّى يَقُومَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ انْتَهَى) لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا (وَلَا يَبْطُلُ مَا فَرَضَهُ فَارِضٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) أَيْ لَوْ قَدَّرَ الْقَاضِي نَفَقَةً أَوْ كُسْوَةً أَوْ نَحْوَهُمَا ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ لَمْ يَبْطُلْ فَرْضُهُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ بِمَوْتِهِ وَلَا بِعَزْلِهِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ تَغْيِيرُهُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ السَّبَبُ لِأَنَّ فَرْضَهُ حُكْمٌ، وَأَحْكَامُهُ لَا تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَلَا بِالْعَزْلِ. (وَلَا يَنْعَزِلُ) الْقَاضِي (حَيْثُ صَحَّ عَزْلُهُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَزْلِ فَلَيْسَ كَوَكِيلٍ) لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْوِلَايَةِ لِلَّهِ وَإِنْ قُلْنَا هُوَ وَكِيلٌ وَالنَّسْخُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ الْعِلْمِ كَمَا قُلْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ إنَّ نَسْخَ الْحُكْمِ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ بِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِي الْوَكِيلِ بِثُبُوتِ الضَّمَانِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْجَهْلَ بِخِلَافِ الْحُكْمِ فَإِنَّ فِيهِ الْإِثْمَ وَذَلِكَ يُنَافِي الْجَهْلَ، كَذَلِكَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ (فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَنِيبُ قَاضِيًا فَعَزَلَ نُوَّابَهُ أَوْ زَالَتْ وِلَايَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ عَزْلٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَّ فِيهِ بَعْضُ شُرُوطِهِ انْعَزَلُوا) لِأَنَّهُمْ نُوَّابُهُ أَشْبَهُوا الْوَكِيلَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ قَاضِيًا فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ قَضَايَا النَّاسِ وَأَحْكَامُهُمْ عِنْدَهُ وَعِنْدَ نُوَّابِهِ بِالْبُلْدَانِ فَيَشُقُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا فَنُوَّابُ الْأَمِيرِ كَالْوَالِي وَالْمُحْتَسِبِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ وِلَايَتُهُ مِنْهُ يَنْعَزِلُونَ بِعَزْلِهِ. (وَمَنْ عَزَلَ نَفْسَهُ انْعَزَلَ) قَاضِيًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ وِلَايَتُهُ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ. (وَلَوْ أُخْبِرَ بِمَوْتِ قَاضِي بَلَدٍ فَوَلَّى غَيْرَهُ) وَكَانَ (فَبَانَ) الْمُخْبِرُ عَنْهُ (حَيًّا لَمْ يَنْعَزِلْ) لِأَنَّهَا كَالْمُعَلَّقَةِ عَلَى صِحَّةِ الْأَخْبَارِ وَكَذَا كُلُّ مَا رُتِّبَ عَلَى أَنَّهَا فَاسِدَةٌ. (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْإِمَامِ (أَنْ يَجْعَلَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ مِنْهُ بِلَا إذْنٍ (وَإِنْ نَهَاهُ) أَيْ نَهَى الْإِمَامُ الْقَاضِي (عَنْ الِاسْتِخْلَافِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ) غَيْرَهُ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ قَاصِرَةٌ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْإِمَامُ فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالِاسْتِخْلَافِ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ (فَلَهُ) أَيْ الْقَاضِي (ذَلِكَ) قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ نَصَّ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ وَجَعْلًا لَهُ كَالْوَصِيِّ انْتَهَى وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا لَا يُبَاشِرُهُ مِثْلُهُ عُرْفًا أَوْ يَشُقُّ وَهَذَا الثَّانِي جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْوِكَالَةِ تَبَعًا لِلتَّنْقِيحِ وَقَالَ عَنْهُ هُنَاكَ فِي الْإِنْصَافِ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَدْ نَقْلنَا كَلَامَهُ فِي الْحَاشِيَةِ فَإِنْ اسْتَخْلَفَ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ لَمْ يُوَلِّ وَيُشْتَرَطُ أَهْلِيَّةُ التَّائِبِ لِمَا نَوَاهُ. (وَيَصِحُّ) تَعْلِيقُ (تَوَلِّيَةِ قَضَاءٍ وَتَوْلِيَةِ إمَارَةٍ) بَلَدٍ أَوْ سَرِيَّةٍ وَنَحْوِهَا (بِشَرْطٍ) لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّقَ وِلَايَةَ الْإِمَارَةِ بَعْدَ زَيْدٍ عَلَى شَرْطٍ فَكَذَا وِلَايَة الْحُكْمِ. (فَإِذَا قَالَ الْمُوَلِّي: مَنْ نَظَرَ فِي الْحُكْمِ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَهُوَ خَلِيفَتِي أَوْ نَفَّذَ وِلَايَتَهُ لَمْ تَنْعَقِدْ لِمَنْ يَنْظُرُ) مِنْهُمَا (لِجَهَالَةِ الْمُوَلَّى مِنْهُمَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ بِالْوِلَايَةِ وَاحِدًا مِنْهُمَا كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ (وَإِنْ قَالَ) الْإِمَامُ: (وَلَّيْتُ فُلَانًا وَفُلَانًا فَمَنْ نَظَرَ مِنْهُمَا فَهُوَ خَلِيفَتِي؛ انْعَقَدَتْ لِمَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا النَّظَرُ) لِأَنَّهُ وَلَا هُمَا جَمِيعًا ثُمَّ عَيَّنَ السَّابِقَ مِنْهُمَا. .فَصْلٌ: فيما يشترط في القاضي: (فَلَا تَجُوزُ تَوْلِيَةُ فَاسِقٍ وَلَا مَنْ فِيهِ نَقْصٌ يَمْنَعُ) قَبُولَ (الشَّهَادَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ مِمَّنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَجِبُ التَّبْيِينُ عِنْدَ حُكْمِهِ وَكَالشَّهَادَةِ (وَأَنْ يَكُونَ سَمِيعًا) لِأَنَّ الْأَصَمَّ لَا يَسْمَعُ كَلَامَ الْخَصْمَيْنِ (بَصِيرًا) لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يُمَيِّز الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُقِرَّ مَنْ الْمُقَرِّ لَهُ (نَاطِقًا) لِأَنَّ الْأَخْرَسَ لَا يُمْكِنُهُ النُّطْقُ بِالْحُكْمِ، وَلَا يَفْهَمُ جَمِيعُ النَّاسِ إشَارَتَهُ (مُجْتَهِدًا) إجْمَاعًا ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَلِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلّ لِحَاكِمٍ وَلَا لِمُفْتٍ تَقْلِيدُ رَجُلٍ لَا يَحْكُمُ وَلَا يُفْتِي إلَّا بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ فَاقِدَ الِاجْتِهَادِ إنَّمَا يَحْكُمُ بِالتَّقْلِيدِ وَالْقَاضِي مَأْمُورٌ بِالْحُكْمِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا الْمُفْتِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَامِّيًّا مُقَلِّدًا فَالْحَاكِمُ أَوْلَى. (وَلَوْ) كَانَ اجْتِهَادُهُ (فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ) إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ (لِضَرُورَةٍ) لَكِنْ فِي الْإِفْصَاحِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى تَقْلِيدِ كُلٍّ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، وَأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ مُجْتَهِدٍ فَإِنَّهُ إنَّمَا عُنِيَ بِهِ مَا كَانَتْ الْحَالُ عَلَيْهِ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ مَا اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَذَاهِبُ. وَقَالَ الْمُوَفَّقُ فِي خُطْبَةِ الْمُفْتِي: النِّسْبَةُ إلَى إمَامٍ فِي الْفُرُوعِ كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لَيْسَتْ بِمَذْمُومَةٍ فَإِنَّ اخْتِلَافَهُمْ رَحْمَةٌ، وَاتِّفَاقَهُمْ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ (وَاخْتَارَ فِي الْإِفْصَاحِ وَالرِّعَايَةِ أَوْ مُقَلِّدًا) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: (وَعَلَيْهِ عَمِلَ النَّاسُ مِنْ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَإِلَّا تَعَطَّلَتْ أَحْكَامُ النَّاسِ وَكَذَا الْمُفْتِي) قَالَ ابْنُ يَسَارٍ مَا أَعِيبُ مَنْ يَحْفَظُ خَمْسَ مَسَائِلَ لِأَحْمَدَ يُفْتِي بِهَا، وَظَاهِرُ نَقْلِ عَبْدِ اللَّهِ مُفْتٍ غَيْرَ مُجْتَهِدٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَلَى الْحَاجَةِ (فَيُرَاعِي كُلٌّ مِنْهُمَا أَلْفَاظَ إمَامِهِ وَ) يُرَاعِي مِنْ أَقْوَالِهِ (مُتَأَخِّرًا وَيُقَلِّدُ كِبَارَ مَذْهَبٍ فِي ذَلِكَ وَيَحْكُمُ بِهِ وَلَوْ اعْتَقَدَ خِلَافَهُ لِأَنَّهُ مُقَلِّدٌ) وَلَا يَخْرُجُ عَنْ الظَّاهِرِ عَنْهُ. (قَالَ الشَّيْخُ مَنْصِبُ الِاجْتِهَادِ يَنْقَسِمُ) أَيْ يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ بِأَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا فِي شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ (حَتَّى لَوْ وَلَّاهُ فِي الْمَوَارِيثِ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَعْرِفَ إلَّا الْفَرَائِضَ وَالْقَضَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، وَإِنْ وَلَّاهُ عُقُودَ الْأَنْكِحَةِ وَفَسْخَهَا لَمْ يَجِبْ أَنْ يَعْرِفَ إلَّا ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا فَقُضَاةُ الْأَطْرَافِ يَجُوزُ أَنْ لَا يَقْضُوا فِي الْأُمُورِ الْكِبَارِ كَالدِّمَاءِ وَالْقَضَايَا الْمُشْكَلَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: اقْضِ فِيمَا نَعْلَمُ كَمَا يَقُول لَهُ: فِيمَا تَعْلَمُ جَازَ وَيَبْقَى مَا لَا يَعْلَمُ خَارِجًا عَنْ وِلَايَتِهِ انْتَهَى وَمِثْلُهُ لَا تَقْضِي فِيمَا مَضَى لَهُ عَشْرُ سِنِينَ وَنَحْوَهُ) لِخُصُوصِ وِلَايَتِهِ. (وَيَحْرُمُ الْحُكْمُ وَالْفُتْيَا بِالْهَوَى إجْمَاعًا وَلْيَحْذَرْ الْمُفْتِي أَنْ يَمِيلَ فِي فُتْيَاهُ مَعَ الْمُسْتَفْتِي أَوْ مَعَ خَصْمِهِ مِثْل أَنْ يَكْتُبَ فِي جَوَابِهِ مَا هُوَ لَهُ) فَقَطْ (أَوْ يَكْتُبَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ) فَقَطْ (وَنَحْوَ ذَلِكَ) بَلْ يَكْتُبُ مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ فِيمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ فِي مَسَائِلِ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ بِذِكْرِ وُجُوهِ الْمَخَالِصِ مِنْهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ مَيْلٌ مَعَ أَحَدِهِمَا (وَإِنْ سَأَلَهُ بِأَيِّ شَيْءٍ تَنْدَفِعُ دَعْوَى كَذَا وَكَذَا وَبَيِّنَةُ كَذَا وَكَذَا؟ لَمْ يُجِبْ لِئَلَّا يَتَوَصَّلَ) السَّائِلُ (بِذَلِكَ إلَى إبْطَالِ حَقٍّ وَلَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ حَالِهِ فِيمَا ادَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا شَرَحَهُ) الْمُسْتَفْتِي (لَهُ) أَيْ لِلْمُفْتِي (عَرَّفَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ دَافِعٍ وَغَيْرِ دَافِعٍ) لِيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ (وَيَحْرُمُ الْحُكْمُ وَالْفُتْيَا بِقَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي التَّرْجِيحِ إجْمَاعًا وَيَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ بِمُوجِبِ اعْتِقَادِهِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ إجْمَاعًا قَالَهُ الشَّيْخُ): (وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْقَاضِي كَاتِبًا) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أُمِّيًّا وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْحُكْمِ كَوْنُهُ كَاتِبًا (أَوْ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ أَيْضًا كَوْنُهُ (وَرِعًا أَوْ زَاهِدًا أَوْ يَقِظًا أَوْ مُثْبِتًا لِلْقِيَاسِ أَوْ حَسَنَ الْخَلْقِ وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ كَذَلِكَ) أَيْ كَاتِبًا وَرِعًا زَاهِدًا يَقِظًا مُثْبِتًا لِلْقِيَاسِ حَسَنَ الْخَلْقِ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ. (قَالَ الشَّيْخُ: الْوِلَايَةُ لَهَا رُكْنَانِ: الْقُوَّةُ وَالْأَمَانَةُ، فَالْقُوَّةُ فِي الْحُكْمِ تَرْجِعُ إلَى الْعِلْمِ بِالْعَدْلِ وَتَنْفِيذِ الْحُكْمِ، وَالْأَمَانَةُ تَرْجِعُ إلَى خَشْيَةِ اللَّهِ) تَعَالَى. (قَالَ: وَشُرُوطُ الْقَضَاءِ تُعْتَبَرُ حَسَبَ الْإِمْكَانِ وَيَجِبُ تَوْلِيَةُ الْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ قَالَ: وَعَلَى هَذَا يَدُلُّ كَلَامُ) الْإِمَامِ (أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ فَيُوَلِّي لِلْعَدَمِ أَنْفَعَ الْفَاسِقِينَ وَأَقَلَّهُمَا شَرًّا، وَأَعْدَلَ الْمُقَلِّدِينَ وَأَعْرَفَهُمَا بِالتَّقْلِيدِ وَهُوَ كَمَا قَالَ) وَإِلَّا لَتَعَطَّلَتْ الْأَحْكَامُ وَاخْتَلَّ النِّظَام (وَالشَّابُّ الْمُتَّصِفُ بِالصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ كَغَيْرِهِ لَكِنْ الْأَسَنُّ أَوْلَى مَعَ التَّسَاوِي) فِي الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ وَوَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ مَكَّةَ وَهُوَ ابْنُ إحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً (وَيُرَجَّحُ أَيْضًا بِحُسْنِ الْخُلُقِ) وَتَقَدَّمَ. (وَ) يُرَجَّحُ (مَنْ كَانَ أَكْمَلَ فِي الصِّفَاتِ) السَّابِقِ ذِكْرُهَا لِتَرَجُّحِهِ بِكَمَالِهِ (وَ) يَجُوزُ أَنْ (يُوَلِّيَ الْمَوْلَى) أَيْ الْمُعْتَقَ (مَعَ أَهْلِيَّتِهِ) لِأَنَّهُ صَارَ حُرًّا أَشْبَهَ حُرَّ الْأَصْلِ. (وَمَا يَمْنَعُ التَّوْلِيَةَ ابْتِدَاءً يَمْنَعُهَا دَوَامًا، إذَا طَرَأَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِفِسْقٍ أَوْ زَوَالِ عَقْلٍ) فَيَنْعَزِلُ بِذَلِكَ لِأَنَّ وُجُودَ الْعَقْلِ وَالْعَدَالَةِ وَنَحْوِهَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْوِلَايَةِ فَتَبْطُلُ بِزَوَالِهِ لِفَقْدِ شَرْطِهَا (إلَّا فَقْدَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ) أَيْ الْقَاضِي (فِي حَالِ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ فَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَتَّى عَمِيَ أَوْ طَرِشَ فَإِنَّ وِلَايَةَ حُكْمِهِ بَاقِيَةٌ فِيهِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا مُنِعَ الْأَعْمَى وَالْأَصَمُّ ابْتِدَاءً، لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا سَبَقَ، وَالْأَصَمُّ لَا يَعْرِفُ مَا يُقَالُ فَلَا يُمْكِنُهُ الْحُكْمُ فَإِذَا كَانَ قَدْ عَرَفَهُمَا قَبْلَ الْعَمَى وَسَمِعَ مِنْهُمَا قَبْلَ الصَّمَمِ وَثَبَتَ عِنْدَهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مِنْ الْخَصْمِ وَاللَّفْظُ لَمْ يَمْنَعْ الْعَمَى وَالصَّمَمُ الْحُكْمَ لِأَنَّ فَقْدَهُمَا لَيْسَ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الِاجْتِهَادِ فَيَصِحُّ الْحُكْمُ مِنْهُ مُسْتَنِدًا إلَى حَالِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْفِسْقِ وَالْجُنُونِ وَالرِّدَّةِ وَنَحْوِهَا. (وَلَوْ مَرِضَ مَرَضًا يَمْنَعُ الْقَضَاءَ تَعَيَّنَ عَزْلُهُ) قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ (وَقَالَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْإِمَامِ عَزْلُهُ انْتَهَى) أَيْ مَنْعُهُ إقَامَةَ غَيْرِهِ. (وَالْمُجْتَهِدُ) مَأْخُوذٌ مِنْ الِاجْتِهَادِ وَهُوَ اسْتِفْرَاغُ الْفَقِيهِ الْوُسْعَ لِتَحْصِيلِ ظَنٍّ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ (مَنْ يَعْرِفُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ) تَعَالَى (وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَقِيقَةَ) أَيْ اللَّفْظَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي وَضْعٍ أَوَّلَ (وَالْمَجَازَ) أَيْ اللَّفْظَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي غَيْرِ وَضْعٍ أَوَّلَ زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ (وَالْأَمْرَ) أَيْ الْقَوْلَ الْمُقْتَضِي طَاعَةَ الْمَأْمُورِ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ (وَالنَّهْيَ) أَيْ اقْتِضَاءَ الْكَفِّ عَنْ فِعْلٍ لَا بِقَوْلِ كُفَّ (وَالْمُجْمَلَ) أَيْ مَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ شَيْءٌ (وَالْمُبَيِّنَ) أَيْ الْمُخْرِجَ مِنْ حَيِّزِ الْإِشْكَالِ إلَى حَيِّزِ التَّجَلِّي وَالْوُضُوحِ (وَالْمُحْكَمَ) أَيْ اللَّفْظَ الْمُتَّضِحَ الْمَعْنَى (وَالْمُتَشَابِهَ) مُقَابِلُهُ إمَّا لِاشْتِرَاكٍ أَوْ لِظُهُورِ تَشْبِيهٍ (وَالْخَاصَّ) الْمَقْصُورَ مِنْ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ مُسَمَّيَاتِهِ. (وَالْعَامَّ) مَا دَلَّ عَلَى مُسَمَّيَاتٍ بِاعْتِبَارٍ اشْتَرَكَتْ فِيهِ مُطْلَقًا (وَالْمُطْلَقَ) مَا دَلَّ عَلَى شَائِعٍ فِي جِنْسِهِ (وَالْمُقَيَّدَ) مَا دَلَّ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ (وَالنَّاسِخَ) أَيْ الرَّافِعَ لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ (وَالْمَنْسُوخَ) مَا ارْتَفَعَ شَرْعًا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا (وَالْمُسْتَثْنَى) أَيْ الْمُخْرَجَ بِإِلَّا أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا (وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) هُوَ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ بِإِخْرَاجِ بَعْضِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ بِإِلَّا أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا (وَيَعْرِفُ مِنْ السُّنَّةِ صَحِيحَهَا) وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْعَدْلُ الضَّابِطُ عَنْ مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ شُذُوذٍ وَلَا عِلَّةٍ (مِنْ سَقِيمِهَا) وَهُوَ مَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ شَرْطُ الصِّحَّةِ كَالضَّعِيفِ وَالْمُنْقَطِعِ وَالْمُنْكَسِرِ وَالشَّاذِّ وَغَيْرِهَا (وَمُتَوَاتِرَهَا) هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي نَقَلَهُ جَمْعٌ لَا يُتَصَوَّرُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ مَشُوبًا فِي ذَلِكَ طَرَفَاهُ وَوَسَطُهُ. وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَنْحَصِرُ فِي عَدَدٍ بَلْ يُسْتَدَلُّ بِحُصُولِ الْعِلْمِ عَلَى حُصُولِ الْعَقْلِ، وَالْعِلْمُ الْحَاصِلُ عَنْهُ ضَرُورِيٌّ فِي الْأَصَحِّ (مِنْ آحَادِهَا) وَهُوَ مَا عَدَا الْمُتَوَاتِرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَكُونَ رِوَايَةَ وَاحِدٍ بَلْ كُلُّ مَا لَمْ يَبْلُغْ التَّوَاتُرَ فَهُوَ آحَادٌ (وَمُرْسَلَهَا) وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمُتَّصِلَهَا) أَيْ مَا اتَّصَلَ إسْنَادُهُ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ رُوَاتِهِ سَمِعَهُ مِمَّنْ فَوْقَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَرْفُوعًا أَوْ مَوْقُوفًا (وَمُسْنَدَهَا) مَا اتَّصَلَ إسْنَادُهُ مِنْ رَاوِيهِ إلَى مُنْتَهَاهُ وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِيمَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمُنْقَطِعَهَا) أَيْ مَا اتَّصَلَ إسْنَادُهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ الِانْقِطَاعُ (مِمَّا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْأَحْكَامِ خَاصَّةً) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ حِفْظُ خَمْسمِائَةِ آيَةٍ كَالْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَحْكَامِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُعْظَمُ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ هُوَ مَنْ يَعْرِفُ الصَّوَابَ بِدَلِيلِهِ كَالْمُجْتَهِدِ فِي الْقِبْلَةِ. وَلِكُلٍّ مِمَّا ذَكَرْنَا دَلَالَةٌ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهَا إلَّا بِمَعْرِفَتِهِ فَوَجَبَ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ لِتُعْرَفَ دَلَالَتُهُ وَتَوَقَّفَ الِاجْتِهَادُ عَلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ (وَيَعْرِفُ مَا اُجْتُمِعَ عَلَيْهِ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَهُ اجْتِهَادُهُ إلَى قَوْلٍ يَخْرُجُ عَنْ الْإِجْمَاعِ وَعَنْ أَقْوَالِ السَّلَفِ. (وَ) يَعْرِفُ (الْقِيَاسَ) وَهُوَ رَدُّ فَرْعٍ إلَى أَصْلٍ (وَ) يَعْرِفُ (حُدُودَهُ) أَيْ الْقِيَاسِ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ (وَشُرُوطَهُ) وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْأَصْلِ وَبَعْضُهَا إلَى الْفَرْعِ وَبَعْضُهَا إلَى الْعِلَّةِ (وَكَيْفِيَّةَ اسْتِنْبَاطِهِ) عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَحَالِّهَا. (وَ) يَعْرِفُ (الْعَرَبِيَّةَ) أَيْ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْ حَيْثُ اخْتِصَاصُهَا بِأَحْوَالٍ هِيَ: الْإِعْرَابُ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهَا مِنْ اللُّغَاتِ (الْمُتَدَاوَلَةَ بِالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَمَا يُوَالِيهِمْ) لِيَعْرِفَ بِهِ اسْتِنْبَاطَ الْأَحْكَامِ مِنْ أَصْنَافِ عُلُومِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَفُرُوعِهِ فَمَنْ عَرَفَ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَهُ وَرُزِقَ فَهْمَهُ صَلُحَ لِلْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ) لِأَنَّ الْعَالِمَ بِذَلِكَ يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَوَضْعِهَا فِي مَوَاضِعِهَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: مَنْ حَصَّلَ أُصُولَ الْفِقْهِ وَفُرُوعَهُ فَمُجْتَهِدٌ وَلَا يُقَلِّدُ أَحَدًا.
|